ولـد أمــه؟

عـنـدمـا كـنـا صـغـار كـنـا نـنـادي صـاحـبي بـولـد أمـه،
ونـلـعـب سـويـا مـع أخـتـه ومـعـهـا بـنـت الجـيـران،

وكـنـت لا اسـمـح لأخـتي باللـعـب مـعـنـا، لأنـهـا أصـغـر مـن اللـعـب، بـل كانـت كاللـعـبـة بـأيـديـنـا،


كانـت تحـفـنـا وتحـيـطـنـا الـبـراءة والـشـقـاوة،

وبـعـد سـنـوات صـارت تـرقـبـنـا نـظـرات الكـبـار ونخـاف مـنـهـا أكـثـر مـن شـر الـوسـواس الخـنـاس،
نـبـتـت شـعـيـرات عـلى وجـوهـنـا، كمـا تـغـيـر شـكل الـفـتـاتـيـن إلى الأحـسـن،

وفـوجـئـنـا بـظـهـور قـرني اسـتـشـعـار عـلى رأس أخـتـه، ولـم نجـرؤ عـلى الاسـتـفـسـار،


وكان صـاحـبي أكـثـرنـا دلالا،
لكـنـه يـرتـعـب مـن ذكـر اسـم والـده، ويـرتجـف خـوفـا وهـلـعـا إذا رأى والـده أمـامـه،
فـلـيجـأ إلى حـضـن أمـه الـتي تـغـمـرنـا بـالحـب والحـنـان دائـمـا مـثـل أمي،


وكـنـت دومـا أتـسـاءل :

هـل كل الأمـهـات يـفـضـن بـالـعـطـف والحـب والحـنـان عـلى جـمـيـع الـصـغـار؟


ومـن فـرط حـنـان أمـه أسـكـبـت جـلـه عـلى الـولـد،
والـبـاقي وزعـتـه عـلى أبـنـاء الحي،


ولـم تـبـقي مـنـه شـيـئـا لابـنـتـهـا الـتي تـنـاكـفـهـا وتـعـارضـهـا في كل شـاردة وواردة،
ولا تـطـيـق الأوامـر الـصـادرة مـن تـلكـم الأم،


ومـا بـقي مـن الحـنـان والحـب والمـودة الـزوجـيـة لا يـسـد رمـق،

وبـالـكـاد يكـفي لاسـتـمـرار الحـيـاة الـزوجـيـة المـضـطـربـة،


لكـن هـل ذلك الـزوج يـسـتحـق المـودة والـرحـمـة ؟


هـو يكـون ضحـوك ومـزوح وحـاضـر الـنـكـتـة الـسـمجـة في الـشـارع فـقـط،
ويكـون عـبـوس وسـلـيـط اللـسـان ولـعـان في الـبـيـت،


بـالـتـأكـيـد لـم يـك مـوجـودا في سـوق الـعـطـف والحـنـان والابـتـسـام عـنـدمـا أبـتـاعـهـا الأزواج،
وجـرى تـوزيـع الـفـتـات الـبـاقي عـلى المـراهـقـيـن،


لـم يـصـادف الـصـبـر يـومـا في حـيـاتـه، والـرحمـة لا يـعـرف اسـمـهـا،

ويـده دومـا مـرفـوعـة لكي تـهـوي صـفـعـا عـلى جـسـد الـولـد الـغـض ووجـهـه الـنـدي،
وربمـا حـول تـلك الـيـد عـلى جـسـد الـزوجـة الـضـعـيـف والـواهـن،

حـتى قـسـت قـلـبـيـهـمـا عـلـيـه،


لكـن ابـنـتـه كانـت بمـنـأى عـن المـواجـهـة،
لأنـهـا تحـتـمي بـقـوقـعـة المـصـلحـة الـشخـصـيـة، أو المـصـالح المـشـتـركـة بـيـنـهـمـا،
عـلـيـهـا تـهـيـئـة هـنـدامـه، وعـلـيـه المـصـاريـف، ( تـسـديـد فـواتـيـر المـصـروفـات )،


أمي لا تـريـدني أن أمكـث مـلـيـا في ذلك الـبـيـت،
وتحـثـني عـلى مـرافـقـة صـاحـبي إلى مجـالـس والـدي المـتـعـددة مـع أصحـابـه،
لـعـلـه يـزداد عـلـمـا وحـكمـة وخـلـقـا ورجـولـة، عـلى حـد قـولـهـا،

ولا تـعـرف أنـني أود لـو يـطـول بي الـوقـت في بـيـتـهـم لأحـدق بمـقـلـتي عـيـون أخـت صـاحـبي الـنـاريـة،
وأكـتـسـب أقـل الـقـلـيـل مـن عـظـيـم صـبـر أمـهـا،


والحـمـد لله أنـني الخـسـران دومـا مـن زاد صـفـات أبـيـهـا غـيـر الحـمـيـدة، وكـذلك دلال وغـنـج أخـيـهـا غـيـر الـرجـولي،


بـاح لي صـاحـبي بـسـر حـبـه لـبـنـت الجـيـران الـتي كانـت تـلـعـب مـعـنـا حـيـنـمـا كـنـا صـغـارا،

ويـرغـب بالحـصـول عـلى صـورة لـهـا، عـن طـريـق أخـتي الـطـفـلـة،

وأنـا لـم اسـتـطـع الـبـوح بـسـر حـبي لأخـتـه،

وكـذلك وجـود صـورة لـهـا محـفـوظـة تحـت وسـادتي؛

الـتـلمـيـذة المجـتـهـدة / مــــلاكــ الــــــــروحـــ